طَعْمُ عالمي السينمائي(1)
حوارٌ مع السينمائي الإيرانيّ عبّاس كيارستمي(2)
ترجمة:
أحمد حسن المعيني
*
كيف
بدأتْ رحلتك؟
وُلدتُ
عام 1940م في طهران لأسرةٍ كبيرة كنتُ فيها الولدَ الأكبر. وكأي طفلٍ آخر، أو
كإخوتي على أية حال، انصبّ اهتمامي الأولُ على الرسم، وأخذ هذا الاهتمام ينمو
ويقوى. وحين قدّمتُ أوراقي للجامعة حاولتُ الانضمام إلى تخصّص طبّ الأسنان وفشلتُ
في الاختبار، وأدّيتُ اختبار الفنون الجميلة ونجحت. هكذا قُبلتُ في كلية الفنون
الجميلة، لكنني لم أتخرّج إلا بصعوبة بالغة؛ ففي حين أنّ البرنامج مدّته أربع
سنوات استغرقني الأمرُ ثلاث عشرة سنة كي أتخرج! من أسباب ذلك أنني كنتُ أعملُ
وأدرس في الوقت نفسه، لكنّ السبب الأساسي هو أنني كنتُ ضعيفًا جدًا وغير موهوب.
لذلك غيّرتُ تخصصي تدريجيًا إلى صنع اليافطات والرسوم الجرافيكية للإعلانات
التجارية وكتابة التترات لأفلام السينما، ومن هنا بدأ اطّلاعي على آلية عمل
الكاميرا. في الوقت نفسه دُعيت للعمل على إنتاج رسومٍ لكتب الأطفال، فأصدرتُ
كتابين لم ينجحا كثيرًا. وقد كتبتُ القصّتين أيضًا، ولم تكونا سيئتين إذْ إنّ
كتابتي أفضل من رسمي لحسن الحظ. بعد ذلك أسّستُ قسم الأفلام في معهدٍ اسمه
"كانون" للتنمية الفكرية للأطفال والناشئة، وبدأتُ في صنع أفلامٍ
للأطفال بمساعدة صديق. في عام 1970م ظهر أول فيلم قصير لي بعنوان خبز وزقاق
(12 دقيقة) يحكي عن صبيّ يُرسِله أهله ليشتري خبزا ويعود، لكنّه يصادف في الطريق
كلبًا فيتملّكه الرعب رُبّما للمرة الأولى في حياته، إلى أن استطاع أن يجد طريقة
لتجاوز الكلب والوصول إلى منزله. كان هذا أول أفلامي.
ماذا
عن أول أفلامك للكبار؟
لو
كنتُ حَكَمًا جيدًا على أعمالي لقلتُ إنّ جميع أفلامي اللاحقة كانت عن الأطفال
أكثر منها للأطفال. في كل مكان في العالم يحبّ الأطفالُ الأفلام الكوميدية والمرح
والقصص الخيالية والكرتون، أما أفلامي فكانت منذ البداية بعيدة عما يحبّه الأطفال.
لذلك أقنعتُ نفسي بأنّه في زماننا هذا من الأنسب صُنع أفلامٍ عن الأطفال بدلا من
صنع أفلامٍ للأطفال، لأنّ تلكَ تقدّم للكبار درجةً من الوعي وتحثّهم على إيلاء
عناية أكبر بعالم الأطفال والدخول إلى بُعدٍ آخر وشكلٍ آخر من الفَهم. أما أول
فيلم صنعتُه خارج معهد "كانون" فكان التقرير عام 1977م، لكنني واصلتُ
صنع أفلامٍ عن الأطفال برعاية المعهد إلى ما بعد الثورة. كان المعهدُ يشاهد
الأفلام بعد عرضها على الجمهور، أي لم تكن ثمّة رقابة علينا. ولكن بعد ثلاث عشرة
سنة من العمل مع المعهد اضطُررتُ إلى تركه بعد أن حدثت ثورةٌ أخرى، ثورةٌ ثانية إن
صحّ التعبير. والسببُ في ذلك أنني في عام 1989م صنعتُ فيلما بعنوان الواجب
المنزليّ عن تلاميذ المدارس، واعتُبر الفيلم مثيرا للجدل بالنسبة للنظام
التعليمي الحكومي(3).
لماذا؟
لأنّ
الفيلم يشكّك في النظام التعليمي وطرق التدريس، ووزارة التعليم لم تكن معتادة على
النقد، لذا كان ردّ فعلها قويًا على الفيلم وعليّ وعلى مدير معهد
"كانون"، فاضطُررتُ لترك العمل مع المعهد. بحلول هذا الوقت كان أطفالي
قد كبروا وخطر لي أنّ دورة حياة الأطفال قد اكتملت وعليّ أن أقصر عملي منذ الآن
على الكبار. بيد أني تعلمتُ كثيرًا في السنين التي عملتُ فيها مع الأطفال. تلك البساطة
المخاتِلة، مع ذكائهم الحادّ، وحسّهم بالمرح المتحرر من ثقل العادات والتقاليد.
قلتُ لنفسي سأحتفظ بهذا كلّه وأستعير نظرتهم كما هي خلف كاميرتي، وأضعه أمام أعين
الكبار.
ما
الذي بعثك على صنع فيلم الواجب المنزلي؟
ظهر
هذا الفيلم بوَحْيٍ من فيلمي أين بيت الصديق؟، ويحاول أن يرصد حيوات أطفالٍ
بعد انقضاء يومهم الدراسي. يتحدّث عن المشكلات التي يسببها المعلمون للأطفال وعن
عجز الآباء والأمهات الأمّيين. جمع الفيلم قرابة ثلاثين أو أربعين طفلا (كما في
فيلم بيت الصديق) يعانون جميعًا من ضعف الاستيعاب ومن ضروب اللاطمأنينة التي
تجتاحُ الكبار من حولهم. هو عالم الأطفال المستقل بإزاء عالم الكبار الباهت،
والكبار هنا ليسوا مذنبين على أية حال لأنهم هم أنفسهم عاشوا في ظروف اقتصادية
واجتماعية مروّعة بعد الحرب.
لماذا
قرّرتَ البقاء في إيران بعد الثورة؟ وهل كان بالفعل قرارك؟
في
حوالي عام 1978م فقد جميع صنّاع الأفلام أعمالهم، واستمرّ الحال هكذا ثلاث سنوات
أو أربع، إذْ لم تكن هناك فرص لصنع فيلم في أعقاب الثورة. السينما نفسها كانت محل
تساؤل كبير: كيف ستتطور، وهل ستبقى أساسا؟ لم تكن لدينا آنذاك ثقافة سينمائية
مزدهرة، لذلك كان علينا أن ننتظر إعادة تعريفٍ للسينما، وكان علينا أيضا أن نستوعب
معطياتٍ جديدة عن الثورة. كانت تلك سنوات من اليأس والخيبة، لذلك كان من الطبيعي أن
يقرّر كثير من زملائنا مغادرة إيران. أما بالنسبة لي فحظّي أو لعنتي هي أنني في
تلك السنوات كنت أعاني من ثورة داخلية تمثّلت في انفصالي عن زوجتي. هكذا أُلقِيَت
مسؤولية طفلين على رأسي، فلم أستطع حتى أن أفكر في مسألة ما إذا كنت سأغادر أم
أبقى. وحين أنظر للأمر الآن أرى أنّ ما حدث كان واحدا من أوفر ورطاتي حظًّا إذْ لم
يُغرني تركُ إيران. لقد فرضَ القدرُ عليّ هذا الأمر فبقيتُ وتكيّفتُ مع الأوضاع
ورأيتُ أنه يمكنني متابعة عملي.
بقاؤك
في إيران وحبّك لبلدك، كيف يؤثران على الصبغة الوراثية لأفلامك إن صح التعبير؟ ومن
هو المتلقّي المثالي لك في إيران؟
أفلامي
من دون شكّ إيرانية بامتياز؛ فهي تحكي عن إيرانيين، والواقف خلف الكاميرا إيرانيّ،
واللغة فارسية، والجغرافيا إيرانية، والقضايا الاجتماعية واليومية إيرانية. السؤال
لدى بعض الناس هو ما إذا كانت هذه الأفلام قد صُنِعت لمتلقٍ إيراني. وهنا لا بد أن
أقول بأنني ببساطة شديدة أصنع أفلامي، بينما هي التي تجد طريقها لمشاهديها. يحدث
أحيانا أن يكون هؤلاء المشاهدون من الحيِّ الذي أسكن فيه، وفي أحايين أخرى يكونون
من بلاد أخرى. في فيلم الواجب المنزلي مثلا، عرضتُ الفيلم أول مرة في
مهرجان روتردام للأفلام، وكان تجاوب المشاهدين مع الفيلم قويًا لدرجة أنني أيقنتُ
بأنّ نصف الحضور إيرانيون. ولكن حين سألتُ عرفتُ أنه لم يكن من بينهم سوى إيرانيّ
واحد فقط! مع ذلك فقد استوعبوا الفيلم لحظة بلحظة، بل إنّ سيدةً من أمريكا
الجنوبية بكت وقالت لي إنها حين شاهدت الفيلم ذُهِلت من درجة التشابه مع الوضع
القائم في بلادها. فالنظام التعليمي الذي يتناوله الفيلم لم يكن ينطبق على إيران
وحدها بل على العديد من الدول الأخرى، ولعلّ هذا من الأسباب العديدة التي تجعل
مجتمعات هذا العالم مريضة لهذه الدرجة؛ لأنّ هؤلاء الأطفال الألمعيين بالفطرة
والمرحين بالفطرة يُعاملون بطرق قاسية للغاية تحكمها مبادئ تعليمية خاطئة جدا.
وهذا بطبيعة الحال يقودهم إلى اليأس من متابعة تعليمهم. باختصار، لا أقصُر
المتلقّين لأفلامي على جغرافية إيران وحدها، ولئن فعلتُ سأكون مخطئًا جدًا. إذْ أننا لو نظرنا إلى صناعة الأفلام بوصفها فنّا، سندرك أنّ من الضروري أن يوجد بها
شيءٌ يتماهى معه المتلقّون أيا كان مكانهم في هذه القرية العالمية. لذلك لا يوجد
شيء جوهريّ متأصل في المشاهد الإيراني يجعله بالضرورة أفضل متلقٍّ لأفلامي. في
حقيقة الأمر أصنّفُ المشاهدين الإيرانيين في عدة فئات؛ فهناك مثلا "المفتونون
بأمريكا" الذين شاهدوا الكثير جدا من الأفلام الأمريكية ولهم توقّعات معيّنة
فيبحثون عن تسلية وإثارة بـ"الأكشن"، وأفلامي طبعا لا تقدّم ذلك. لكنني
شيئا فشيئا بدأتُ أدرك أيضًا أنه لا يمكن الجزم بأنّ أبناء بلدي
"المتنوّرين" أو المثقفين أو هواة الفن يتذوّقون أعمالي. لديّ صديقٌ
معماري ذكيّ يعرف جيدا معنى الفنّ، لكنّه يكره أفلامي! قال لي مرة إنه يفضّل
العشاء مع صهره على أن يشتري تذكرة لأحد أفلامي. في الجهة الأخرى، قابلتُ ذات مرة
امرأة إيرانية غير أمّية أخبرتني أنها مرّات ومرّات حين ينام أطفالها لا تشغّل إلا
فيلمين فقط: مقش شب (هكذا نطقتها بدلا من مشق شَب، العنوان الفارسي لفيلم
الواجب المنزلي)، و كُولُس اب (كما نطقتها بدلا من كلوز أب [لقطة قريبة]، اسم
فيلمي). لذلك لا يمكنني أن ألقي تعميمات اجتماعية وثقافية لأؤكد أنّ
"المتنوّرين" فقط يحبون أفلامي. الذين يحبّون أفلامي هم أولئك الذين
تتناسب أطوالهم الموجية إن صح التعبير مع هذا النوع من السينما، وليس للأمر علاقة
بمدى ثقافتهم أو اطّلاعهم الفني.
أفلامُك
مشبَّعة بالشِعر، وذات بنية مفتوحة. كيف يؤثر هذا على فِعل المشاهدة لدى المتلقي؟
بنية
أفلامي هي بنية الشعر. في الكتب المدرسية كانت هناك قصائد تقدّم محتوى بسيطا عبر
إيقاع وقافية. بالنسبة لي هذه ليست في الحقيقة قصائد. كثيرٌ منها يخلو من النهاية
المفتوحة، كما أنّ لها خلاصة واضحة مباشرة. القصائد في رأيي كيانات لها بنى
مفتوحة، وهذه أكثر ديمومة لأنّ القراء يستطيعون تفسيرها بأنفسهم وفقا للحاجات
النابعة من دواخلهم ومن وعيهم بذاتهم وتأملاتهم. ولذلك علاقة مباشرة بالمعلومات
التي في متناول أيديهم وليس فقط المعلومات المقدّمة لهم. في عالم السينما أيضا أرى
أنّ العمل لا ينبغي أن يكون مغلقًا جدا، وأنّ السينما المفتوحة سينما أكثر ديمومة
لأنها تقدم فرصة للمشاهد كي يجد نفسه ويُكمل الفيلم بخياله. باختصار أقول إنّ
المبدأ الفنّي الذي أعتنقه هو أنّ بنية الفيلم ينبغي أن تظلّ مفتوحة على الدوام
بما أنها تدعو إلى حوارٍ دائم التجدّد بين "الإبداع" وعددٍ لا محدود من
"المبدعين".
ألذلك
يوجد قدرٌ هائل من الاقتباسات الشعرية في أفلامك؟
الأمر
يتعّلق بالثقافة التي نشأتُ فيها. ففي إيران، في أحاديثنا اليومية، لا يقتصر
استخدام الشعر على المثقفين أو الشعراء أو حتى محبّي الشعر. عندنا أشخاص بسطاء
وأمّيون يردّدون في ثنايا يومهم مقاطع شعرية كي يتواصلوا مع الآخرين ويعبروا عن وجهات
نظرهم. الشعرُ في إيران يتدفّق علينا، كالمطر المنهمر، والكلّ يشارك في ذلك.
فجدّتكَ حين كانت تريد أن تتبرّم من هذا العالم كانت تبثّ شكواها بالشعر. وإن أرادت أن تعبّر عن حبّها لجدّك كانت تقول ذلك شِعرا، وإنْ كان ركيكًا. قبل فترة،
دعاني أمرٌ ما لزيارة حمّامٍ قديم في إيران، فوجدتُ هناك قصيدة منقوشة على الجدار
تقول فيما معناه "من عنده شيء ذو قيمة، فليعرني إياه عند الباب، فإن لم يفعل وفَقَدَه
في الداخل، فلستُ مسؤولا". هذه العبارة المبتذلة الآن التي نراها في كل مكان
قِيلت قديمًا بلغة الشعر، فهذه في الحقيقة قصيدة قصيرة قديمة جدا. ولا تنسَ أنّ
الشعرَ هو لغة الثقافة الفارسية، سواء أكان شعر الرّومي أم شعرًا عاميًا. لذلك
أشعر أنه من الطبيعي بالنسبة لي أن أستخدم الشعر في أفلامي حين أريد أن أرصد واقع
العلاقات اليومية، لأنّ الشعر ببساطةٍ جزءٌ من حوارات الناس، بل حتى من مناجاتهم
حين يريديون أن يفرّغوا ما في صدورهم.
هل
تجتذب أفلامك مشاهدين كثيرين في إيران؟ وإلى أي درجة يصعب مشاهدتها في إيران أصلا؟
ثمة
صعوبة، للأسف. فمنذ أن بدأتُ أحصد شيئًا من النجاح خارج إيران أصبحت أفلامي مثار
ارتياب في بلدي. حين يشاهد "المسؤولون" أفلامي لا يستوعبون شيئًا منها
في الحقيقة. أو لنقل هم يفهمونها لكنّ الأفلام بسيطة جدًا لدرجة تجعلهم يتساءلون:
كيف يمكن لهذه الأفلام أن تكون جذّابة جدا للغربيين؟ فيظنّون أنه لا بدّ من وجود
أمر مريب، أن يكون هناك شيء من السياسة المدسوسة فيها. بل إنني ذات مرة سمعتُ
الاتهام الذي يقول بأنّ الغرب يقدّم الجوائز لأفلامي لا لشيء إلا لأنها لا تحتوي
على بداية أو نهاية، لذلك تثيرُ بطريقةٍ فنية الإحباطَ في المسلمين. وقد أصبح هذا
النمط من التفكير وباء منتشرا. كثيرٌ من الإيرانيين يشعرون أنّ هذه الأفلام ليست
أفلاما حقا بالمعنى الكلاسيكي. وينتاب المشتغلين في صناعة السينما الشعور نفسه ولا
يجدون فائدة في عرض أفلامي، لذلك أحجموا في السنوات العشر الأخيرة عن توزيع
أفلامي. لكن أصدقك القول أنني لا أشتكي من شيء، فمجتمعنا يعاني من المشكلات ما هو
أكبر بكثير من هذا الأمر. الاقتصاد مثلا في حالة مزرية، فلو تحلّينا بشيء من الواقعية
وسلامة العقل لأدركنا أنه لا ينبغي لنا أن نتباكى لأنّ أفلامنا لا تُعرض. هو أمر
مؤسف طبعا، لكنني لو شكوتُ من ذلك أغدو شخصًا لا يعرف المكان الذي يعيش فيه. حين
يكون الناس مشغولين بقوتِ يومهم، فما الذي يهمّ فيما إن كانوا يشاهدون أفلامي أم
لا. أما أولئك الذين يعشقون السينما، فيمكنهم بعد سنتين من صدور الفيلم أن يشتروا شريط
الفيديو أو الدي في دي بثمنٍ أقل بكثير من تذكرة السينما، ويشاهدوا الفيلم في جوٍ
أفضل. خذ مثلا فيلمي عشرة، يُباع قرص الدي في دي بـ750 تومان (75 سنتا
أمريكيا)، أي أقل من تذكرة السينما بـ250 تومان (25 سنتا). يمكن لصاحب القرص أن
يعيره للآخرين، وهكذا فالقرص الواحد قد يشاهده عشرات الناس. لذلك أعتقد أنّه لم
يعد بمقدور الحكومة أن تمنع أفلامنا أو تمارس رقابة باتّة علينا. يمكنها أن تعاقب،
أي أن تعمل على أن لا أحصل على شيء من الأرباح كي لا أستطيع إنتاج أفلام أخرى. أما
المنع فقد ولّى زمانه.
ما
هو الوضع الحالي للرقابة في إيران؟
فعليّا
حلّت الرقابة محلّ المنع المطلق، وكأنهم قد قرروا ذلك عن قصد. فمثلا، في فيلمي عشرة
طلبوا مني أن أحذف نصف ساعة من النسخة النهائية. أما فيلم ستحملنا الريح فلم
يجدوا شيئا يستطيعون حذفه فقالوا: احذف مقطعين من شِعر فروغ فروخزاد، ولم أكن لأفعل
ذلك طبعا. في الحقيقة لم يكن شِعر فروخزاد هو المشكلة، بل تسلسل المشهد نفسه، فقد
زعموا أنه عبارة عن بورنوغرافيا (إباحية). حين كانت الطفلة الفقيرة تحلب بقرتها
كان الولد بعيدا عنها وكان واضحا أنه يتحدث معها [يلقي شعر فروخزاد]، لذلك فحتى في
الظلام لا يمكن له أن يستغلها جنسيا أو أن يفعل أي شيء. ولكن على أية حال مُنع الفيلم
بسبب هذه المشاهد، وما يزال ممنوعا.
ألم
تستطع عرض فيلم طعم الكرز في طهران؟
بلى،
استطعتُ عرض هذا الفيلم بسبب ما سقتُه من تبريرات وشروح في تلك المرحلة. فشرحتُ
لهم أنّ الفيلم ليس عن الانتحار. في الحقيقة بدأت مشكلاتي بعد الجائزة التي حصلتُ
عليها في مهرجان كان. الأمرُ ببساطة شديدة هو أنهم لم يستطيعوا أن يفهموا كيف
لفيلم كهذا خالٍ من الحِدّة الدرامية الواضحة أن يفوز بجائزة بذلك المستوى. هكذا أصبح
هذا الفوز أساسًا مثاليا لسوء تفسير العلاقة بيني وبين الجمهور
"الغربي"؛ فقد تخيلوا وجود صلات سرّية ورشاوى و...
أذكر
أنّ النقاد في أوروبا زعموا قبل بضع سنوات أنّك في أفلامك قبل طعم الكرز اخترتَ
العمل مع الأطفال متعمدا لكي تنجو من الرقابة. هل هذا صحيح؟
كلا،
ليس للأطفال علاقة بالأمر. يكفي أن تنظر إلى مسيرتي المهنية، فأفلامي قبل طعم
الكرز حصلت على بضع جوائز صغيرة هنا وهناك، لكنّها لم تلفت انتباه النظام إليّ.
بيد أنّ الريح تحوّلت فجأة مع فيلم طعم الكرز، ليس بسبب ثيمة الانتحار وإنما لأنهم
لم يهضموا أبدًا فكرة أن يفوز فيلم كهذا بالسعفة الذهبية. قبل ذلك لم يكونوا
يتدخلون في عملي إطلاقا.
ولكن
في هذا الفيلم (الذي شكّل قطيعة مع "دورة حياة الأطفال") ألم تكن فكرة
الانتحار إشكاليةً للغاية بالنسبة للجمهورية الإسلامية؟
ما
تزال الفكرة مشكلة، لكنّ الفيلم شفّاف جدا من الناحية البصرية لدرجة مكّنتني من
إقناع الرقباء بأنّ هذا الفيلم ليس عن الانتحار وإنما عن جوهر الحياة، عن خيارك في
أن تحيا. لا أعرف الذي دار في عقولهم آنذاك لكنّهم عرضوا الفيلم. ومع ذلك فقد
عاقبوني ماليا، لأنّ الشخص الذي يوزّع الفيلم وضع الإيرادات في جيبه وهرب. أما
الحكومة التي عليها أن تدعم حقوق المنتجين فزعمت أنّ الأمر لا يعنيها، وبذلك لم
يدافع عن حقي أحد. كانت تلك طريقتهم في معاقبتي.
تحدّثتَ
قبل قليل عن البنية الشعرية لأفلامك. ألا تعقّد هذه البنية مهمّة الرقباء في إدراك
الفنّ وفقًا لمعايير محدّدة وحدِّية؟ هذه المواجهة بين رؤيتك ورؤيتهم تبدو غريبة
جدًا وعبثية.
المشكلةُ
هي أنهم لا ينظرون أصلا إلى الأفلام بتلك الطريقة. لا يكترثون بالبنية على
الإطلاق. لعلّ اللحظة الأكثر حزنًا بالنسبة لي هي حينما طلبوا مني أن أحذف مقطعا
لعمر الخيام في فيلم ستحملنا الريح. قلتُ لهم لا يمكنني أن أفعل ذلك، وأنكرتُ
عليهم هذا الطلب. فالخيّام ظلّ على مدى القرون فخرًا وشرفًا لبلادنا، وتريدون الآن
حذفه! هذه الأبيات موجودة في كل الكتب التي لم تمنعوها. سمحتم بإعادة طباعة الرباعيات
مرّات ومرّات عديدة، وهو الكتاب الأكثر تداولا وترجمةً في العالم بعد الإنجيل. كيف
إذًا تسمحون لأنفسكم أن تطلبوا مني أن أقطع ولو مقطعًا واحدًا للخيام؟ في النهاية
وكما حدث مع شعر فروغ فروخزاد، لم نصل إلى اتفاق. ولكن أقول مرةً أخرى، أرجوك لا
تكترث بشكواي. أعي تماما أنّ شكاوى صانع أفلامٍ في بلادي أتفه بكثيرٍ من أن تُسمع،
بل إنها تكاد تكون ضربًا من البذاءة.
الجديدُ
في فيلمك الأخير تذاكر (2005م) الذي أخرجته بالاشتراك مع إرمانو أولمي وكين لوتش
هو أنك صوّرته في الخارج. هكذا فجأة أصبحتَ قادرا على عرض فتاة مراهقة دون حجاب،
ورجل وامرأة في المشهد نفسه. باختصار، أمكنك أن تعمل دون قلق من نظرة الجمهورية
الإسلامية. كيف أثّر هذا على عملك؟
أخذ
الفيلم مساره الطبيعي، لكنّ طبيعة صُنعي لأفلامي لم تتغيّر. بطبيعة الحال لم ترتد
النساءُ في القطار حجابا، لأننا صنعنا الفيلم وفقا لجغرافية أوروبا وأعرافها. ومن
نافل القول إنني لم أحضر معي شيطان الرقابة الذاتية الذي أتعامل معه في إيران. لو
أنني فعلتُ لكنتُ بحاجةٍ إلى طبيب نفسي! حين قدمتُ إلى إيطاليا لصنع هذا الفيلم
كان لزاما عليّ أن أشعر بهذه الحرية. في الوقت نفسه لا أعتقد أنّ هناك تغييرات
كبيرة حدثت. ركّاب القطار يلبسون كعادتهم، كما يمكن أن نراهم الآن، ولا أحد يحدّق
فيهم. أتعرف، أشعرَ أنّ مشكلتنا في إيران ليست الحجاب نفسه بقدر ما هي
"الحجاب الداخلي" الذي لم نتعلم أن نلبسه. شعبُنا لم يعتد على ارتداء
الحجاب في عقله وعينيه، لذلك يُلقون بهذه المسؤولية على الآخرين، أي النساء. هنا
لا أحد ينظر إلى هذه الرؤوس الحاسرة، هنا ليس لها ذلك المعنى في إيران. لذلك
فالفيلم لا يشكّل أية غرابة في رأيي.
هل
تُتعبك المشكلات اللوجستية والقضايا السياسية والدينية التي تتدخل في صنع أفلامك
في إيران؟
لا
أستطيع أن أدّعي ذلك. أفهم الآن تماما الظروف في إيران وأعرف كيف أتدبر أمري. هذا
الفيلم تذاكر مثلا، الذي أنتجه إيطاليون، كان أسهل فيلم صنعته في حياتي. في
إيران عملية الإنتاج معقدة جدا ومرحلة ما قبل الإنتاج تتطلب عشرة أضعاف الجهد
العادي. فأنت لكي تحاول إنتاج فيلم عليك أن تقف منتظرا في غرف بيروقراطيين قد لا يعرفون
أي شيء تقريبا عن السينما. مع ذلك، ورغم ذلك، أظنني أريد صنع أفلامي في إيران. كان
فيلم تذاكر تجربة حاسمة، فحين عُرض الفيلم في مهرجان برلين حدث أمر مدهش.
في العادة حين يُعرض فيلم لي أول مرة (وهذا ينطبق على كل السينمائيين) يبدأ قلبي
يخفق بقوّة خوفًا من ردود الفعل السلبية. وقد ذكر لي أحد المخرجين أنه دائما ما
يُصاب بحمّى، وأعترف أنني أمرّ بشيء شبيه بذلك. ولكن حين عرضوا فيلم تذاكر
في برلين، فجأةً وفي وسط الفيلم، نمت! حين استيقظتُ أخذتُ أفكر لماذا حدث ذلك.
لماذا كان عرض هذا الفيلم غير مبهج؟ حين فكّرتُ في الأمر أدركتُ أنني في أعماقي لم
أعتبر هذا الفيلم فيلمي، ذلك أنني صنعته بمشاركة مخرجين أوروبيين، في أوروبا،
فاعتبرته فيلما أوروبيا. وبالتالي كنت قرير البال لدرجة أنني غفوت. لكنّ الرسالة
التي تعلّمتها هي: صحيحٌ أنّ الفيلم كان ناجحا بما أنه حطّم حواجز لغوية وثقافية،
لكنّه ليس فيلمي، إذْ إنني أردتُ فيلمي ناطقًا بالفارسية.
وحين
تتحدث بلغتك في فيلمك، حين تعرض إيرانَك، التي هي شديدة الاختلاف عن إيران التي
يراها المرء في نشرة الأخبار، هل تعي أنك تقدّم للمشاهد الغربي وجهًا مختلفا
لإيران؟
نعم،
من دون شك. إيراني ليس فيها شبه كبير بإيران التي تصوّرها نشرات الأخبار. وأنا
مقتنع بأنّ أفلامي أقرب إلى واقع إيران، أي إلى قلبها الاجتماعي والثقافي والروحي.
فالأجانب الذين يزورون إيران مثلا يتعلّقون جدا بالفضاء الإيراني، بالحسّ الإيراني
في العلاقات الإنسانية. أذكر المرة الأولى التي جاء فيها الكاتب جان كلود كاريير
إلى إيران، قال لي إنه سافر في الصحراء وكلما وصل إلى منزل وسأل أهله "هل من
استراحة للعابرين قريبة من هنا؟" كان الناس يجيبونه "تفضّل عندنا".
دخل كاريير هذه المنازل ورأى أنّ التواصل مع العائلات والأطفال كان طبيعيا للغاية،
وكأنّ كثيرًا من الرحّالة مروا من هناك. قال لي: "وصلنا وأقمنا عندهم، ووضعوا
لنا العشاء على الأرض. أكاد لا أصدق". هذه إيران. ويحقّ لي أن أقول ذلك لأنني
أسافر كثيرا من أجل أفلامي ومشاريعي في التصوير. هذا واقع الطيبة والضيافة. لا
يهمّ أنّ المنازل بدائية والناس بسطاء. عن هذا الواقع إنما تتحدث أفلامي، عن عوالم
بعيدة عمّا يُقال في الأخبار وعن الصورة المؤسفة التي تقدّمها الحكومة الإيرانية
للعالم الخارجي.
دائمًا
ما يشبّهك النقّاد وصنّاع الأفلام في شتى أنحاء العالم بمجموعةٍ من المخرجين
الغربيين، فيلّيني مثلا. هل هناك صنّاع أفلام أثّروا في لغتك البصرية؟
هذه
مشكلة الصحفيين والنقّاد؛ إذْ يعتقدون أنه إن كان الشيء جيدًا فلا بدّ أنه يشبه
شيئا آخر أو على الأقل شيئا أفضل. هي عادة، فكلما أرادوا أن يمدحوك شبّهوك. لا
يستطيعون أن يفكروا دون صناديق، وهم دائما مستعدون لإخراج فيلمٍ من الصندوق
الفلاني لو أنهم وجدوا فيلما يناسب ذلك الصندوق أكثر. وبما أنها عادة، فلا يمكنني
أن أحملها محمل الجدّ. الأكيدُ هو أنني كنتُ دائما مهتمًا بالواقعيين الجدد. أكثر
من هذه الملاحظة يصعب عليّ أن أقارن أو أحكم على أفلامي. لا بدّ من مرور ثلاثين أو
أربعين سنة، فإنّ ظلّ الفيلم حيًا، إن احتفظ بحيويّته كعملٍ فنّي، فهو فيلم جيد.
كيف
تعرّف نتاج الصَنْعَة الكيارستمية؟
أولا
وقبل كل شيء تلك الصبغة الإيرانية لأفلامي. وُلدتُ وعشتُ في إيران وأتحدث الفارسية
والمعرفة التي أتحصلُ عليها عن إيران، لذلك ستكون أفلامي إيرانية. حتى فيلم تذاكر
ورغم الذي قلته سابقا، لا أعتقد أنه منفصل تماما عن أفلامي الأخرى، على الأقل
الجزء الذي أخرجته منه. فمع أنّ الفضاء قد تغيّر، ورغم أنّ البعض قد يشعرون بأنّ
الفيلم ليس إيرانيا (لغته ليست فارسية)، لكنّ لغته السينمائية لُغتي. لقطات
المناظر الطبيعية، السرد، النهاية المفتوحة، مسألة أننا لا نقدّم كل المعلومات
للمشاهد في البداية. لا يكتشف المشاهد طبيعة العلاقة بين الولد والمرأة إلا في
منتصف الفيلم وقرب النهاية. أسلوب القصّة فارسيّ بامتياز، فهو نفس الأسلوب الذي
نراقب به جيراننا ثم نبدأ في تشرّب المعطيات شيئا فشيئا. هذه ليست طريقة السينما
المعاصرة. يعتقد معظم صنّاع الأفلام اليوم والإرث الذي تركته السينما الكلاسيكية
بشكل عام أنّك إن لم تقدّم كل المفاتيح للمشاهد في أول 10 دقائق، فستهبط الحدّة
الدرامية في فيلمك فورا. باختصار، ينبغي أن يعرف مشاهدوك من الدقائق العشر الأولى
ما الذي سيحدث ولماذا، ومن هو الشرير ومن هو الطيب ومن الذي يحكم عليهما. في فيلم تذاكر
نقترب من الركّاب تدريجيا بحيث إنّ المشاهد لا يملك من المعلومات حول الشخصيتين
إلا ما يملكه بقية الركاب على القطار. أعتقدُ جازما أننا لا يمكن أن نحكي قصة شخصٍ
ما ونقطع بأنّنا قلنا كل شيء. حتى حين نريد أن نستلهم الواقع فلا يمكننا أن نحكي
القصة كاملة. لذا علينا أن نبقي بعض الأشياء طيّ الكتمان. في قاعة السينما، لا
يمكن للمشاهد/المدّعي العام (وهو يوقّع على حكم المحكمة في الدقيقة الأخيرة من
الفيلم) أن يجزم بأنه يملك المعلومات القاطعة عن شخصياتي.
ذكرتَ
أنّ الحكومة الإيرانية وصفت مشهد حلب البقرة في فيلم ستحملنا الريح بأنه
بورنوغرافي. أحيانا حين نشاهد الأفلام الأمريكية المعاصرة نشعر أنّ مبدأ الكشف
الكامل والإمكانية المطلقة للتوقّع هي ضرب من البورنوغرافيا.
نعم،
تماما. البورنوغرافيا لا تقتصر على ذلك القالب فقط. ينتابني شعور أننا حين نرى
فيلما عن عملية جراحية للقلب مثلا نرى تفاصيل لا يحقّ لأحد أن يراها (ولذلك لا
يسمحون لنا بدخول غرفة العمليات). لذلك أرى أنّ في الأفلام أيضا لا ينبغي أن أسمح
لنفسي بعرض تلك التفاصيل. البورنوغرافيا ليست الجنس فحسب. البورنوغرافيا قد تكون
أيضا تفاصيل علاقةٍ بين رجل وامرأة، تلك التفاصيل التي لا يمكن لهما أن يرياها.
فمثلا حين تقبّل امرأة، حين تكون على تلك الدرجة من القرب منها، لا يمكنك في
الحقيقة أن ترى التي تقبّلها، لذلك لا يوجد شاهد على ذلك المشهد. فلماذا إذًا
ينبغي أن أكون شاهدًا على المشهد بكاميرتي؟ أشعر أنّ البورنوغرافيا مسلك خاطئ
اتخذته السينما نتيجة للخيارات الكثيرة التي تقدّمها العدسة. حين تقول لك العدسة:
يمكنك أن تقترب لهذه الدرجة من مادتك، فهي غير مبالية أبدًا بحقيقة أنّك حين تحكي
قصةً ما، لديك حدود. في رأيي ليس لك الحق في أن تقترب بهذه الدرجة من الموضوع حتى
لو سمحت لك العدسة. لكنّ معظم الأفلام المعاصرة تتلقى أوامرها التصويرية من
العدسة، وليس من الواقع. لذلك صُورها عارية مكشوفة، وليس لي كمشاهدٍ أي دور فيها.
أصبحُ عديم الفائدة.
هل
تشاهد أفلام هوليود الجديدة؟
لا،
لم أشاهد هذه الأفلام منذ سنوات.
عودةً
إلى أفلامك، هل ثمة فيلم معيّن أقرب إلى قلبك؟
لا
يوجد فيلم بعينه، إنّما بعض اللحظات فقط، وهي اللحظات التي لم أركّبها. هي لحظات
حدثت من تلقاء نفسها. في هذه الحالة أحبّ أن أجلس في قاعة العرض، أشاهد هذه
اللقطات، وأخرج. لكنّ اللقطات التي ركّبتها لديّ سيطرة عليها، وأي شيء تملك سيطرة
عليه لا تبقى له سلطة أو تأثير عليك.
يُعرف
عنكَ أنك لا تعمل وفقا لسيناريو مكتمل. هل تبدأ بفكرةٍ ثم تمضي الأمور شيئا فشيئا؟
نعم،
تكون لديّ فكرة، وأصنع الحوارات. لكنّ كل شيء يكون تحت السيطرة. بيد أنه في بعض
الأحيان تحدث لحظة، عرضية غير مهمة. أحيانا يرمشُ بطلي رَمشتين، فأذهب إلى قاعة
العرض فقط كي أشاهد هاتين الرمشتين وأخرج. هاتان الرمشتان لا تنتميان إليّ، ولا
إلى البطل. لا أدري، هي هديّة. هكذا تظهر مضبوطة وفي وقتها، لدرجة أنني أظلّ
أتساءل عن الذي حدث وجعل وجه الممثّل يفرز هذا التعبير. ثمّة لحظة كهذه في فيلم عشرة
في الـ17 دقيقة الأولى، حين يكون الولد في السيارة. دائما ما تكون بالنسبة لي
مادةً للدهشة، إذْ من المستحيل على الإطلاق أن تمثِّل هذه اللحظات. لذلك أكتفي
بمشاهدتها وتقديرها.
هل
تريد أن تقول شيئا عن فيلمك الذي تعمل عليه حاليا في إيران؟
أفضّل
التأنّي. أريد أن أرى كيف تتبلور هذه الفكرة، لأنني في بعض الأحيان أبدأ بفكرة
معينة أتحرك صوبها، ثم أدرك أنّ الفكرة التي أحببتها كثيرًا تحطّمت، وأنّ هناك
أفكارًا أخرى حلّت محلها. ربما من الأفضل أن لا أقول شيئا إلى أن يخرج الفيلم إلى
النور ونراه بأعيننا.
-----
الإحالات
2-يُعدُّ
عباس كيارستمي أبرز السينمائيين الإيرانيين وواحدًا من أشهر المخرجين البارزين على
المستوى العالمي. متمكّن من التخلّص من الرقابة في أفلامه بطريقة ذكيّة، وعادةً ما
تزخرُ أفلامه بالشعر الإيراني المعاصر وما تتوقُ إليه إيران المعاصرة. حصل كيارستمي
على جوائز كثيرة من بينها جائزة السعفة الذهبية في مهرجان كان السينمائي عن فيلمه طعم
الكرز عام 1979م. ومن بين أشهر أعماله أين بيت الصديق؟ (1987م)، و لقطة
قريبة (1990م)، و الحياة ولا شيء أكثر...(1992م)، و عبر أشجار
الزيتون (1994م)، و ستحملنا الريح (1999م)، و عَشرة (2002م).