الأحد، 13 مايو 2012

الخادمة موظفة أم..؟


من المتعارف عليه في أخلاقيات العمل أنّ للموظف الذي يعمل لديك حقوقًا عليك، مثلما عليه واجبات تجاهك. وإنْ كان الهدف الأساسي لربّ العمل هو تحقيق الحدّ الأقصى من الفائدة من الموظف، فإنّ من حقّ هذا الموظف أيضًا أن تضمنَ له التطور في إمكانياته، لا رفع مخصصاته فحسب. فإذا جئتَ بمنسّق أو سكرتير، وعمل لديك خمسة أعوام ثم خرج من عندك وإمكانياته لا تؤهله إلا أن يعمل سكرتيرًا في مكانٍ مشابه، فأنت قد قصّرت في حقه.

قد يكون هذا المفهوم مفعّلا في سوق العمل (وفي بعض الأحيان في القطاع الخاص أكثر من الحكومي) إلا أنه غائب تمامًا في المنزل؛ فالغالبية العظمى منا (إن لم نكن جميعنا) لا تنظر إلى الخادمة أو العاملة على أنها موظفة. صحيحٌ أننا نوفر لها المسكن، والغذاء، والعلاج، وتذاكر السفر، وأحيانًا بعض الترفيه، إضافة إلى الراتب الشهري، ولكنّ هذه الخادمة مهما قضت مع مخدوميها من سنين، وإن وصلت 15 سنة، فإنها تعود إلى بلادها بالنقود التي ادّخرتها لا غير، وليس لها إلا أن تبحث عن مخدومٍ آخر. في هذا السياق، هل الخادمة أقرب إلى الموظفة..أم العبدة؟

في تقديري أننا نستقدمُ عبيدًا لا موظفين، نبحث عن العمالة التي تقبل بأي شي وأقل شيء، والتي لا تعرف ولا تستطيع أن تطالب بحقوق لا نريد نحن أن نوفرها। لذلك نحن نستقدم الخادمات من البلاد الفقيرة، ولا نفكر مجرد التفكير في البحث في دول شرق أوروبا مثلا। الخادمة التي نعطيها خمسين ريالا في الشهر، ولا يوجد تحديد واضح لساعات عملها الذي يبدأ في الفجر ولا ينتهي إلا قرب منتصف الليل، والتي لا نقبل بحالٍ من الأحوال أن تجلس معنا على المائدة لتناول الغداء أو العشاء، والتي يمنعها مخدومها من السفر إلى أهلها في إجازة قصيرة إلا بعد سنواتٍ طوال، والتي تنهرها ربّة البيت ليل نهار، ويتحرش بها "شباب البيت" إلا من رحم الله، والتي لا يُسمح لها حتى بتلفازٍ في غرفتها—هذه الخادمة ليست موظفة، بل عبدة।

تُرى هل فكّر أحدنا أن يساعد خادمته على تطوير قدراتها؟ على انتشال نفسها من الخدمة في البيوت إلى وظيفةٍ أفضل؟ هل فكّر أحدنا يومًا أن يوفر لها شيئا من التعليم؟ ربما دورة في لغةٍ أجنبية (غير العربية المكسرة طبعًا) أو دورة في تعليم الخياطة أو أي صنعةٍ أخرى يمكن للخادمة أن تتكسب منها بعد انقضاء خدمتها؟ أمّ أنّ ما نريده نحن هو أن تظلّ خادمة طوال عمرها؟

إن روح الإسلام لا تدعو فقط إلى إزاحة العبودية بمفهومها الحرفي، بل إلى تحقيق حرية الإنسان بمعناها الواسع، والتي يدخل من ضمنها حق التنمية الذاتية. وإن كنا نسعى إلى التمسك بهذه الروح، فلنفكر قليلا في إتاحة الفرصة للخدم أن يطوروا من أنفسهم، حتى لا يكونوا عبيدًا. 

هناك تعليقان (2):

  1. مبارك عليك هذا التوثيق لكتاباتك..خطوة موفقة ولإن جاءت متأخرة قليلا.
    استمر في التفكير بصوتٍ عال وسنظل مستمعين.

    ردحذف
  2. انا عندي خادمه( للاسف ) وليست عبده (الحمدلله )

    ردحذف