كتب جوناثن بيلي مقالًا في موقع
"الانتحال اليوم" [1] يتحدث
فيه عن الأسباب التي تدفع أشخاصًا أذكياء متميّزين إلى المخاطرة بسمعتهم ومكانتهم
ومستقبلهم المهنيّ حين يُقدمون على ما يُعرف بالانتحال أو السرقة الأدبية. ولعلّ
هذا يذكّرنا بحوادث سمعنا عنها لشخصيات شهيرة مثل الداعية عائض القرني (الذي انتحل
كتابا لسلوى العضيدان)، والإعلامي الشهير باسم يوسف (الذي انتحل مقالة نشرها في
الصحف)، وغيرهما. في ما يلي ترجمةٌ لمقتطف من مقال جوناثن بيلي حول الأسباب
الثلاثة التي تدفع الأذكياء إلى الانتحال.
المشكلة الأولى: صعوبة الكتابة
كون المرء موهوبًا وذكيًا لا يعني
بالضرورة أن يكون كاتبًا رائعًا؛ إذ قد يكون أحدهم عالِـمًا مدهشًا أو أستاذًا أو
باحثًا أو فنانًا أو موسيقيًا، الخ، دون أن يكون كاتبًا جيدًا.
نرى ذلك كثيرًا في البحوث العلمية، حيث
يُبدع العلماء في عملهم لكّنهم يعانون في كتابة ما توصلوا إليه بطريقة مقبولة
للنشر، ما يدفعهم في كثير من الأحيان إلى الاستعانة بكاتبٍ مأجور خفيّ، أو إلى
الانتحال.
ولكن حتى لو كان المرءُ قادرًا على
الكتابة فقد لا يجد متعةً فيها، ما يدفعه إلى البحث عن طرقٍ تخلّصه من هذه المهمّة
كيما يركّز على أشياء أخرى يفضّلها. وللأسف قد يقود هذا من يفتقر إلى التأسيس
الأخلاقي إلى الانتحال رغم كل المخاطر المحيطة به.
في النهاية، من المجحف أن نحكم على قدرات
الآخرين بطريقة قاسية وفقًا لمستوى كتابتهم، بيد أنّ الكتابة مكوّن أساسي من طريقة
تواصل الناس مع بعضهم البعض، ما يجعلها ضرورةً لنجاح مهمةٍ قد تبدو غير مرتبطة بها
(أي التواصل).
وما دمنا نطالب أشخاصًا قد لا يشعرون
بالراحة في الكتابة في أن تكون جزءًا مهمًا من وظيفتهم، سيستمر الانتحالُ موجودًا،
رغم وجود العديد من الناس الذين يستطيعون تأدية مهامهم دون اللجوء إلى سلوك غير أخلاقي.
المشكلة الثانية: عامل الضغط
الأشخاص الذين يُنظر إليهم بوصفهم أكثر
ذكاء وثقافة يتعرّضون لضغطٍ أكبر من الآخرين كي يتميّزوا، كي يُنجزوا، وكي يصبحوا
الأفضل في كل شيء يقومون به، حتى وإن كان ذلك غير ممكن عمليًا.
وما بين مطرقة التوقعات العالية والوقت المحدود
وسندان الرغبة في الحفاظ على صورتهم، قد يحدث أن يشعر هؤلاء الأذكياء (أو على
الأقل من يُنظر إليهم بوصفهم أذكياء) بأنهم متورّطون في محاولةٍ لتحقيق منجزات غير
منطقية أو غير ممكنة.
وكما هو الأمر مع الكتابة، فإنّ الذكاء
وحده لا يضمن أن يكون المرء ناجحًا في إدارة وقته وأعماله؛ فالألمعيوّن كثيرًا ما
يعانون في تنظيم وقتهم، كبقية الناس تمامًا.
بيد أنّ هذا ليس عذرًا، فكثير من الناس
يواجهون هذه الضغوط نفسها دون اللجوء إلى الانتحال. حريّ بالذكر أنّ هذا العذر
واحد من أكثر الأعذار التي يبديها المنتحلون رغم أنّ الضغوط لا تتعلق بهم وحدهم
بصرف النظر عن مستوى الذكاء أو النجاح.
المشكلة الثالثة: الزهو بالنفس
حين يعُدّك الكثيرون واحدًا من أذكى
الناس في محيطك، وحين يُكثرون من الإطراء على روعتك، فمن السهل أن تعتقد بأنك مهما
فعلتَ فلن يكتشف أحدٌ فعلتك.
وفي حين أنّ الزهو قد لا تكون تفسيرًا
مقنعًا للبدء في الانتحال، إلا أنه قد يفسّر لماذا يستمرّ بعض الناس في الانتحال،
بل ويصنعون سجل إنجاز اعتمادًا على الانتحال.
تتبدّى صحةُ ذلك إن أخذنا في الاعتبار
أنّ قليلا جدًا من الناس يُكتشفون عند ارتكابهم الانتحال للمرة الأولى، ما يمنحهم
شعورًا زائفًا بالأمان بأنهم لن يُكتشفوا إن عادوا إلى الفعلة نفسها مرارًا
وتكرارًا، على الرغم من أنهم في كل مرة يقامرون بسمعتهم.
يقود ذلك إلى درجة من الشعور بالارتياح
والألفة مع فعل الانتحال، وهو شعور قد يأتي بالويل عليهم حين يُكتشف خطأ ما في
عملهم ويُصبحون تحت المجهر.
1 https://www.plagiarismtoday.com/2013/01/14/3-reasons-smart-people-plagiarize/↩
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق