الأربعاء، 7 أكتوبر 2015

كيف يؤثر الانتحال على الإبداع في المجتمع؟



في مقال منشور في موقع "علم النفس اليوم"[1] بعنوان "الانتحال وأثره على الإبداع"، كتبت د. شيلي كارسن عن تجربتها كأستاذة جامعية مع حالات الانتحال لدى الطلاب، وذكرتْ الأعذار التي يسوقونها حين يُكتشف انتحالهم، والتي كان من أبرزها "الكل ينتحل، فلمَ لا أفعل ذلك أيضا؟". ترى الكاتبة أنّ التصدّي لثقافة الانتحال أمرٌ ضروريّ للغاية لمن يعتقد أنّ الإبداع مكوّنٌ أساسيّ في صحّة المجتمع ونموّه ثقافيًا. وكجوابٍ على السؤال أو العذر المذكور أعلاه، تورد الكاتبة ثلاثة أسباب تجعلنا نحارب هذه الظاهرة، سأترجمها فيما يلي.
----------

أولا، تؤدي سرقة الملكية الفكرية للآخرين إلى إضعاف الدافعية لإنتاج مادةٍ أصيلة إبداعية، وذلك من جانبين. فحتى لو كنتَ تمتلك قدرات كبيرة في الكتابة وأفكارًا ألمعية، سينطفئ دافعك لبذل الجهد والوقت ما دام بإمكانك ببساطة أن تختلس إنتاج الآخرين وتنسبه إلى نفسك. ولو عرفتَ أنّ أحدًا آخر يمكنه أن ينسب لنفسه إنتاجَك أنتَ دون أية تبعات، فلن تجد في نفسك رغبةً كبيرة في أن تُنتج شيئا وتنشره. حين ترى إنجازك يُنسَب لغيرك تشعُر بالانتهاك، والنتيجة هي أنّ بعض الأشخاص الذين لديهم القدرة على الإسهام بإبداعات حقيقية سيصابون بخيبة أمل ويقولون في أنفسهم "لماذا أتعب نفسي إذًا؟".

ثانيًا، تجاهُل ذكر المراجع والمصادر التي أُخِذَت منها الأفكار والمقولات يُضعف مفهوم المسؤولية في النشر؛ إذ يسمح ذلك بانتشار المعلومات الخاطئة وإعادة نشرها دون وجود طريقة لمعرفة مصدرها. وهذا بدوره يقلّل من قدرتنا على التحقق والتصرّف مع المعلومات المقدّمة لنا على أنها حقائق وهي لا تستند إلى دليل أو تأكيد. حريّ بالذكر أنّ المعلومات المغلوطة حين تلقى رواجًا كبيرًا لا تضرّ بالأفراد فحسب، بل إنّ أثرها قد يفضي إلى عواقب وخيمة يمكن أن تضلّل باحثين بل حقولا معرفية بأكملها.

ثالثا، محاولة ادّعاء الفضل لنفسك في أمر ليس من عملك هو تزوير صريح، فالشهادةُ الجامعية تعني أنك بذلتَ المطلوب منك من جهدٍ في البحث والدراسة وأداء الاختبارات، وأنّك قد تمكّنتَ من المهارات التي ينطوي عليها الحصول على الدرجة الجامعية. أما إنْ ظللتَ في مسيرتك الدراسية تتقافزُ على المهام المطلوبة منك، فعلى الأرجح إنك لم تتحصل على المهارات البحثية والكتابية المتوقعة منك، فتدخل إلى سوق العمل ناقص المهارات [بخدعةٍ اسمها شهادة].
هكذا يُسهم الانتحال في "تسطيح" ثقافتنا بدلا من الارتقاء بها إلى عصرٍ ذهبي أصبح من الممكن الوصول إليه عبر ما قدّمته لنا التقانة. علينا أن نتخذ القرار فيما إذا كنا نريد لنفسنا عصرًا سطحيًا أم ذهبيًا. إن كنتَ كاتبًا، سواء أكنت تلميذا في المرحلة الثانوية أم مدوّنًا على الإنترنت، فرجاءً احرص على توثيق المصادر. وإن كنتَ والدًا أو معلمًا، فرجاءً لا تغضّ الطرف عن محاولة انتحالٍ ممكنة. علّم أطفالك/طلابك أنّ الأمانة في الكتابة مهمّة جدًا لشخصية الفرد، ولشخصية المجتمع.



1 https://www.psychologytoday.com/blog/life-art/201010/plagiarism-and-its-effect-creative-work

هناك تعليق واحد:

  1. لا شكّ في أنّ الإنتحالات بشتّى أنواعها قد ذاعت في الآونة الآخيرة ،
    رُبمّا أظنّ أنا في السبب الكامِن وراء هذه المُـشكلة ..
    أن الفرد لا يمتلك الجرأة الكافية في عرض ما يكتب تمثيلاً في السرقة والانتحالات الأدبية ..
    موفقّ أيها الكاتب
    وفي انتظارِ جديدُك

    ردحذف